![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#14 |
عضــــو
تاريخ التسجيل: Jan 2003
المشاركات: 211
|
يتبع ما قبله
لقد كان المال بين يديه خادما لا سيدا,, وكان وسيلة لضروات العيش لا للترف.. ولم يكن ماله وحده, بل كان للفقراء فيه حق معلوم, بل حق متكافئ لا يتميز فيه بنصيب.. ولقد أعانه على هذا الجود الواسع زهده.. فما كان ابن عمر يتهالك على الدنيا, ولا يسعى اليها, بل ولا رجو منها الا كا يستر الجسد من لباس, ويقيم الأود من الطعام.. أهداه أحد اخوانه القادمين من خراسان حلة ناعمة أنيقة, وقال له: لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان, وانه لتقر عيناي, اذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه, وترتدي هذا الثوب الجميل.. قال له ابن عمر: أرنيه اذن.. ثم لمسه وقال: أحرير هذا.؟ قال صاحبه: لا .. انه قطن. وتملاه عبد الله قليلا, ثم دفعه بيمينه وهويقول:"لا.اني أخاف على نفسي.. أخاف ان يجعلني مختالا فخورا.. والله لا يحب كل مختال فخور"..!! وأهداه يوما صديقا وعاء مملوءا.. وسأله ابن عمر: ما هذا؟ قال: هذا دواء عظيم جئتك به من العراق. قال ابن عمر: وماذا يطبب هذا الدواء..؟؟ قال: يهضم الطعام.. فالتسم ابن عمر وقال لصاحبه:" يهضم الطعام..؟ اني لم أشبع من طعام قط منذ أربعين عاما".!! ان هذا الذي لم يشبع من الطعام منذ أربعين عاما, لم يكنيترك الشبع خصاصة, بلزهدا وورعا, ومحاولة للتاسي برسوله وأبيه.. كان يخاف أن يقال له يوم القيامة: (أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها).. وكان يدرك انه في الدنيا ضيف أو عابر شبيل.. ولقد تحدث عن نفسه قائلا: "ما وضعت لبنة على لبنة, ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم".. ويقول ميمون بن مهران: " دخلت على ابن عمر, فقوّمت كل شيء في بيته من فراش, ولحاف وبساط. ومن كل شيء فيه, فما وجدته تساوي مئة ردهم"..!! لم يكن ذلك عن فقر.ز قد كان ابن عمر ثريا.. ولا كان ذلك عن بخل فقد كان جوّدا سخيا.. زامكا كان عن زهد في الدنيا, وازدراء للترف, والتزام لمنهجه في الصدق والورع.. ولقد عمّر ابن عمر طويلا, وعاش في العصر الأموي الذي فاضت فيها لأموال وانتشرت الضياع, وغطى البذخ أكث الدور.. بل قل أكثر القصور.. ومع هذا, بقي ذلك الطود الجليل شامخا ثابتا, لا يبرح نهجه ولا يتخلى عن ورعه وزهده. واذا ذكّر بحظوظ الدنيا ومتاعها التي يهرب منها قال: "لقد اجتمعت وأصحابي على أمر, واني أخاف ان خالفتهم ألا ألأحق بهم".. ثم يعلم الآخرين أنه لم يترك دنياهم عجزا, فيرفع يده الى السماء ويقول: "اللهم انك تعلم أنه لولا مخافتك لزاحمنا قومنا قريشا في هذه الدنيا". ** بل لقد كان يطيب لهم حين يبهرهم ألق فضائله, أن يقارنوا بينه وبين والده العظيم عمر.. فيقولون: ( كان عمر في زمان له فيه نظراء, وكان ابن عمر في زمان ليس فيه نظير)..!! وهي مبالغة يغفرها استحقاق ابن عمر لها, أما عمر فلا يقارن بمثله أحد.. وهيهات أن يكون له في كل عصور الزمان نظير.. ** وفي العام الثاث والسبعين للهجرة.. مالت الشمس للمغيب, ورفعت احدى سفن الأبدية مراسيها, مبحرة الى العالم الآخر والرفيق الأعلى, حاملة جثمان آخر ممثل لعصر الوحي _في مكة والمدينة_ عبد الله بن عمر بن الخطاب. كان آخر الصحابة رحيلا عن الدنيا كلها أنس بن مالك رضي الله عنه, توفي بالبصرة, عام واحد وتسعين, وقيل عام ثلاث وتسعين. انته |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|