مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة رجال حول الرسول ..الحلقة الثالثة عبد الله ابن عمرّ رضي الله عنهما
admin
4th March 2003, 15:26
بسم الله الرحمن الرحيم
احبابي الطيبين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله اوقاتكم بكل خير....
كتاب رجال حول الرسول(اللهم صلى وسلم عليه)
لخالد محمد خالد رحمة الله.
كتاب رائع وجميل جداً، ومنذوا وقعت عيني على هذا الكتاب من سنوات وانا بين فترة واخرى اتصفحها بشغف وكأني اول مره اقرا هذا الكتاب. ، حيث ان أسلوب المؤلف رحمه الله القصصي رائع جداً ، والسبب الرئيسي في روعة الكتاب انه يتحدث عن رجال نادرين هم خريجي مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم...تلك المدرسة التي خرج منها عمالقة الدنيا قاطبة.
الصحابه رضوان الله عليهم.
ويشرفني ان انقل لكم تلك السلسة من رجال حول الرسول لخالد محمد خالد في المجالس وفي المنتدى الاسلامي. على حلقات كل اسبوع صحابي جليل.
أخواني ادعوكم لقراءة هذه السلسلة...
أني اعلم اني لم اوفي الكتاب حقه..ولكن انتم من يقرر ..
فعلى بركة الله نبدا مشوار رجال حول الرسول وينطلق بنا قطار مجالس قبيلة زعب بتجاه مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، المدينة المنورة ...لنكن ضيوف على الصحابي الجليل سعيد ابن عامر رضي الله عنه ، فعلى الراغبين بالسفر معنا إلى هناك تجهيز ما يحتاجون من امور.
أيها الأعضاء الندا الاخير ..على الأعضاء الراغبين بالسفر إلى المدينة المنوره. التوجه .إلى بوابة رقم واحد والاستماع بصور من سيرة سعيد ابن عامر رضي الله عنه.
بصراحه (لو بكيفي ما وقفت لكن اخاف عليكم الملل من كلامي لكن يالله)
سعيد بن عامر
العظمة تحت الاسمال
أيّنا سمع هذا الاسم, وأيّنا سمع به من قبل..؟
أغلب الظن أن أكثنا, ان لم نكن جميعا, لم نسمع به قط.. وكأني بكم اذ تطالعونه الآن تتساءلون: ومن يكون عامر هذا..؟؟
أجل سنعلم من هذا السعيد..!!
**
انه واحد من كبار الصحابة رضي الله عنهم, وان لم يكن لاسمه ذلك الرنين المألوف لأسماء كبار الصحابة.
انه واحد من كبار الأتقياء الأخفياء..!!
ولعل من نافلة القول وتكراره, أن ننوه بملازمته رسول الله في جميع مشاهده وغزواته.. فذلك كان نهج المسلمين جميعا. وما كان لمؤمن أن يتخلف عن رسول الله في سلم أو جهاد.
أسلم سعيد قبيل فتح خيبر, ومنذ عانق الاسلام وبايع الرسول, أعطاهما كل حياته, ووجوده ومصيره.
فالطاعة, والزهد, والسمو.. والاخبات, والورع, والترفع.
كل الفضائل العظيمة وجدت في هذا الانسان الطيب الطاهر أخا وصديقا كبيرا..
وحين نسعى للقاء عظمته ورؤيتها, علينا أن نكون من الفطنة بحيث لا نخدع عن هذه العظمة وندعها تفلت منا وتتنكر..
فحين تقع العين على سعيد في الزحام, لن ترى شيئا يدعوها للتلبث والتأمل..
ستجد العين واحدا من أفراد الكتيبة الانمية.. أشعث أغبر. . ليس في ملبسه, ولا في شكله الاخرجي, ما يميزه عن فقراء المسلمين بشيء.!!
فاذا جعلنا من ملبسه ومن شكله الخارجي دليلا على حقيقته, فلن نبصر شيئا, فان عظمة هذا الرجل أكثر أصالة من أن تتبدى في أيّ من مظاهر البذخ والزخرف.
انها هناك كامنة مخبوءة وراء بساطته وأسماله.
أتعرفون اللؤلؤ المخبوء في جوف الصدف..؟ انه شيء يشبه هذا..
**
عندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام, تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مكانه.
وأسلوب عمر في اختيار ولاته ومعاونيه, أسلوب يجمع أقصى غايات الحذر, والدقة, والأناة.. ذلك أنه كان يؤمن أن أي خطأ يرتكبه وال في أقصى الأرض سيسأل عنه الله اثنين: عمر أولا.. وصاحب الخطأ ثانيا..
ومعاييره في تقييم الناس واختيار الولاة مرهفة, ومحيطة,وبصيرة, أكثر ما يكون البصر حدة ونفاذا..
والشام يومئذ حاضرة كبيرة, والحياة فيها قبل دخول الاسلام بقرون, تتقلب بين حضارات متساوقة.. وهي مركز هام لتجارة. ومرتع رحيب للنعمة.. وهي بهذا, ولهذا درء اغراء. ولا يصلح لها في رأي عمر الا قديس تفر كل شياطين الاغراء أمام عزوفه.. والا زاهد, عابد, قانت, أواب..
وصاح عمر: قد وجدته, اليّ بسعيد بن عامر..!!
وفيما بعد يجيء سعيد الى أمير المؤمنين ويعرض عليه ولاية حمص..
ولكن سعيجا يعتذر ويقول: " لا تفتنّي يا أمير المؤمنين"..
فيصيح به عمر:
" والله لا أدعك.. أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي.. ثم تتركوني"..؟؟!!
واقتنع سعيد في لحظة, فقد كانت كلمات عمر حريّة بهذا الاقناع.
أجل. ليس من العدل أن يقلدوه أمانتهم وخلافتهم, ثم ينركوه وحيدا..واذا انفض عن مسؤولية الحكم أمثال سعيد بن عامر, فأنّى لعمر من يعينه على تبعات الحكم الثقال..؟؟
خرج سعيد الى حمص ومعه زوجته, وكانا عروسين جديدين, وكانت عروسه منذ طفولتها فائقة الجمال والنضرة.. وزوّده عمر بقدر طيّب من المال.
ولما استقرّا في حمص أرادت زوجته أن تستعمل حقها كزوجة في استثمار المال الذي زوده به عمر.. وأشارت هليه بأن يشتري ما يلزمهما من لباس لائق, ومتاع وأثاث.. ثم يدخر الباقي..
وقال لها سعيد: ألا أدلك على خير من هذا..؟؟ نحن في بلاد تجارتها رابحة, وسوقها رائجة, فلنعط المال م يتجر لنا فيه وينمّيه..
قالت: وان خسرت تجارته..؟
قال سعيد: سأجعل ضمانا عليه..!!
قالت: فنعم اذن..
وخرج سعيد فاشترى بعض ضروريات غعيشه المتقشف, ثم فرق جميع المال في الفقراء والمحتاجين..
ومرّت الأيام.. وبين الحين والحين تسأله زوجه عن تجارتهما وأيّان بلغت من الأرباح..
ويجيبها سعيد: انها تجارة موفقة.. وان الرباح تنمو وتزيد.
وذات يوم سألته نفس السؤال أمام قريب له كان يعرف حقيقة الأمر فابتسم. ثم ضحك ضحكة أوحت الى روع الزوجة بالشك والريب, فألحت عليه أن يصارحها الحديث, فقا لها: لقد تصدق بماله جكيعه من ذلك اليوم البعيد.
فبكت زوجة سعيد, وآسفها أنها لم تذهب من هذا المال بطائل فلا هي ابتاعت لنفسها ما تريد, والا المال بقي..
ونظر اليها سعيد وقد زادتها دموعها الوديعة الآسية جمالا وروعة.
وقبل أن ينال المشهد الفاتن من نفسه ضعفا, ألقى بصيرته نحو الجنة فرأى فيها أصحابه السابقين الراحلين فقال:
" لقد كان لي أصحاب سبقوني الى الله... وما أحب أن أنحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها"..!!
واذ خشي أن تدل عليه بجمالها, وكأنه يوجه الحديث الى نفسه معها:
" تعلمين أن في الجنة من الحور العين والخيرات الحسان, ما لو أطلت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعا, ولقهر نورها نور الشمس والقمر معا.. فلأن أضحي بك من أجلهن, أحرى أولى من أن أضحي بهن من أجلك"..!!
وأنهى حديثه كما بدأه, هادئا مبتسما راضيا..
وسكنت زوجته, وأدركت أنه لا شيء أفضل لهما من السير في طريق سعيد, وحمل النفس على محاكاته في زهده وتقواه..!!
يتبع
admin
4th March 2003, 15:30
كانت حمص أيامئذ, توصف بأنها الكوفة الثانية وسبب هذا الوصف, كثرة تمرّد أهلها واختلافهم على ولاتهم.
ولما كانت الكوفة في العراق صاحبة السبق في هذا التمرد فقد أخذت حمص اسمها لما شابهتها...
وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتمرّد كما ذكرنا, فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد, فأحبوه وأطاعوه.
ولقد سأله عمر يوما فقال: " ان أهل الشام يحبونك".؟
فأجابه سعيد قائلا:" لأني أعاونهم وأواسيهم"..!
بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد, فلا مفر من أن يكون هناك بعض التذمر والشكوى.. على الأقل لتثبت حمص أنها لا تزال المانفس القوي لكوفة العراق...
وتقدم البعض يشكون منه, وكانت شكوى مباركة, فقد كشفت عن جانب من عظمة الرجل, عجيب عجيب جدا..
طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواها, واحدة واحدة..
فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال: نشكو منه أربعا:
" لا يخرج الينا حت يتعالى النهار..
وا يجيب أحدا بليل..
وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما الينا ولا نراه,
وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا, وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين"..
وجلس الرجل:
وأطرق عمر مليا, وابتهل الى الله همسا قال:
" اللهم اني أعرفه من خير عبادك..
اللهم لا تخيّب فيه فراستي"..
ودعاه للدفاع عن نفسه, فقال سعيد:
أما قولهم اني لا أخرج اليهم حتى يتعالى النهار..
" فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب.. انه ليس لأهلي خادم, فأنا أعجن عجيني, ثم أدعه يختمر, ثم اخبز خبزي, ثم أتوضأ للضحى, ثم أخرج اليهم"..
وتهلل وجه عمر وقال: الحمد للله.. والثانية..؟!
وتابع سعيد حديثه:
وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل..
فوالله, لقد كنت أكره ذكر السبب.. اني جعلت النهار لهم,والليل لربي"..
أما قولهم: ان لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما...
" فليس لي خادم يغسل ثوبي, وليس بي ثياب أبدّلها, فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين.. وفي آخر النهار أخرج اليهم ".
وأما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين..
" فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة, وقد بضعت قريش لحمه, وحملوه على جذعه, وهم يقولون له: أحب أن محمدا مكانك, وأنت سليم معافى..؟ فيجيبهم قائلا: والله ما أحب أني في أهلي وولدي, معي عافية الدنيا ونعيمها, ويصاب رسول الله بشوكة..
فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيتهو أنا يومئذ من المشركين, ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها, أرتجف خوفا من عذاب الله, ويغشاني الذي يغشاني"..
وانتهت كلمات سعيد التي كانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاهرة..
ولم يمالك عمر نفسه ونشوه, فصاح من فرط حبوره.
" الحمد للله الذي لم يخيّب فراستي".!
وعانق سعيدا, وقبّل جبهته المضيئة العالية...
**
أي حظ من الهدى ناله هذا الطراز من الخق..؟
أي معلم كان رسول الله..؟
اي نور نافذ, كان كتاب الله..؟؟
وأي مدرسة ملهمة ومعلمة, كان الاسلام..؟؟
ولكن, هل تستطيع الأرض أن تحمل فوق ظهرها عددا كثيرا من هذا الطراز..؟؟
انه لو حدث هذا, لما بقيت أرضا, انها تصير فردوسا..
أجل تصير الفردوس الموعود..
ولما كان الفردوس لم يأت زمانه بعد فان الذين يمرون بالحياة ويعبرون الأرض من هذا الطراز المجيد الجليل.. قللون دائما ونادرون..
وسعيد بن عامر واحد منهم..
كان عطاؤه وراتبه بحكم عمله ووظيفته, ولكنه كان يأخذ منه ما يكفيه وزوجه.. ثم يوزع باقيه على بيوت أخرى فقيرة...
ولقد قيل له يوما:
" توسّع بهذا الفائض على أهلم وأصهارك"..
فأجاب قائلا:
" ولماذا أهلي وأصهاري..؟
لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة"..
وطالما كان يقال له:
" توسّع وأهل بيتك في النفقة وخذ من طيّبات الحياة"..
ولكنه كان يجيب دائما, ويردد أبدا كلماته العظيمة هذه:
" ما أنا بالنتخلف عن الرعيل الأول, بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يجمع الله عز وجل الناس للحساب, فيحيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحامام, فيقال لهم: قفوا للحساب, فيقولون: ما كان لنا شيء نحاسب عليه.. فيقول الله: صدق عبادي.. فيدخلون الجنة قبل الناس"..
**
وفي العام العشرين من الهجرة, لقي سعيد ربه أنقى ما يكون صفحة, وأتقى ما يكون قلبا, وأنضر ما يكون سيرة..
لقد طال شوقه الى الرعيل الأول الذي نذر حياته لحفظه وعهده, وتتبع خطاه..
أجل لقد طال شوقه الى رسوله ومعلمه.. والى رفاقه الأوّابين المتطهرين..
واليوم يلاقيهم قرير العين, مطمئن النفس, خفيف الظهر..
ليس معه ولا وراءه من أحمال الدنيا ومتاعها ما يثقل ظهره وكاهله,,
ليس معه الا ورعه, وزهده, وتقاه, وعظمة نفسه وسلوكه..
وفضائل تثقل الميزان, ولكنها لا تثقل الظهور..!!
ومزايا هز بها صاحبها الدنيا, ولم يهزها غرور..!!
**
سلام على سعيد بن عامر..
سلام عليه في محياه, وأخراه..
وسلام.. ثم سلام على سيرته وذكراه..
وسلام على الكرام البررة.. أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انته
ابوهلا
4th March 2003, 16:20
مشاركه ........ راقيه
نجد اغلب الاسئله فى المسابقات التلفزيونيه والصحف عن اشهر القاده الدكتاتوريين مثل هتلر وموسلينى وغيرهم واسئله عن اخر اغنيه واخر مطرب ومطربه ....... ؟؟؟؟؟؟؟؟ حتى ترسخت اسمائهم فى ذاكرة الكبير قبل الصغير
فمن باب اولى ان نعرف اسماء الصحابه وسرد سيرتهم العطرة.
ولكنه كان يجيب دائما, ويردد أبدا كلماته العظيمة هذه:
" ما أنا بالنتخلف عن الرعيل الأول, بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يجمع الله عز وجل الناس للحساب, فيحيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحامام, فيقال لهم: قفوا للحساب, فيقولون: ما كان لنا شيء نحاسب عليه.. فيقول الله: صدق عبادي.. فيدخلون الجنة قبل الناس"..
فيقال لهم: قفوا للحساب, فيقولون: ما كان لنا شيء نحاسب عليه.. فيقول الله: صدق عبادي.. فيدخلون الجنة قبل الناس"..
لا أستطيع التعليق على هذه الكلمات الا ان اقول ..
سلام على سعيد بن عامر..
سلام عليه في محياه, وأخراه..
وسلام.. ثم سلام على سيرته وذكراه..
وسلام على الكرام البررة.. أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجزاك الله خير ........ يالجار ........ فنحن معك .. وسنسافر معك
ونحن بنتظار الاسماء اللامعه وسير الصحابه رضوان الله عليهم الذين تمسكوا بالدين ودافعوا عنه وافنوا حياتهم من اجل الله ورسوله وقدموا لنا اروع صور التضحيه ..... فهم فعلا قدوه وشخصيات مثاليه
تقبل تحياتي
اخوك ابوهلااااااااااااااا اااااا
السيف
4th March 2003, 17:44
الاخ العزيز الجار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيه طيبه من القلب اليكم راجبا من الله ان يجمعنا على طاعته
واشكرك على المجهود الطيب في سرد اصحاب النبي عليه السلام ، ولكن هناك ملاحظه على الكاتب خالد محمد خالد .
من شريط الشيخ / عثمان الخميس { كيف نقرأ التاريخ } يقول :
ان الكاتب خالد محمد خالد لا يروي القصه من مضمونها المتكامل وانما يروى القصه من الناحيه الجماليه فقط ولا يهتم من صحة الروايه المنقوله ، وان على الباحث ان يبحث في الكتب المعتمدة لابن كثير ، الامام الذهبي ، ابي بكر العربي { العواصم من القواصم }
لذا نقتضي التنبيه و الفائدة
اخوك / السيف
الراوي
5th March 2003, 09:29
عزيزي الجار * ابو هلا * السيف
الله يجزاكم خير على اثراء المجلس بمثل هذه المواضيع الطيبةو المداخلة والتعليق
وهذا هو المطلوب من الاعضاء بارك الله فيهم كل من عنده معلومة اومشاركة لا يبخل على اخوانه بها
اخوكم الراوي
admin
8th March 2003, 14:43
بسم الله
اخوي ابو هلا السيف الراوي
السلام عليكم وحياكم الله وان شاء الله نطرح ماهو متفق عليه مع الكتب الموثوقه ونحذف مافيه شكه.
وحياكم الله اخوكم الجار
admin
8th March 2003, 14:46
خبيب بن عديّ
والآن..
افسحوا الطريق لهذا البطل يا رجال..
وتعالوا من كل صوب ومن كل مكان..
تعالوا, خفاقا وثقالا..
تعاولوا مسرعين, وخاشعين..
وأقبلوا, لتلقنوا في الفداء درسا ليس له نظير..!!
تقولون: أوكل هذا الذي قصصت علينا من قبل لم تكن دروسا في الفداء ليس لها نظير..؟؟
أجل كانت دروسا..
وكانت في روعتها تجلّ عن المثيل وعن النظير..
ولكنكم الآن أمام أستاذ جديد في فن التضحية..
أستاذ لوفاتكم مشهده, فقد فاتكم خير كثير, جدّ كثير..
الينا يا أصحاب العقائد في كل أمة وبلد..
الينا يا عشاق السموّ من كل عصر وأمد..
وأنتم أيضا يا من أثقلكم الغرور, وظننتم بالاسلام ظنّ السّوء..
تعالوا بغروركم..!
تعالوا وانظروا أية عزة, وأية منعة, وأي ثبات, وأيّ مضاء.. وأي فداء, وأي ولاء..
وبكلمة واحدة, أية عظمة خارقة وباهرة يفيئها الايمان بالحق على ذويه المخلصين..!!
أترون هذا الجثمان المصلوب..؟؟
انه موضوع درسنا اليوم, يا كلّ بني الانسان...!
هذا الجثمان المصلوب أمامكم هو الموضوع, وهو الدرس, وهو الاستاذ..
اسمه خبيب بن عديّ.
احفظوا هذا الاسم الجليل جيّدا.
واحفظوه وانشدوه, فانه شرف لكل انسان.. من كل دين, ومن كل مذهب, ومن كل جنس, وفي كل زمان..!!
**
انه من أوس المدينة وأنصارها.
تردد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مذ هاجر اليههم, وآمن بالله رب العالمين.
كان عذب الروح, شفاف النفس, وثيق الايمان, ريّان الضمير.
كان كما وصفه حسّان بن ثابت:
صقرا توسّط في الأنصار منصبه
سمح الشجيّة محضا غير مؤتشب
ولما رفعت غزوة بدر أعلامها, كان هناك جنديا باسلا, ومقاتلا مقداما.
وكان من بين المشركين الذين وقعوا في طريقه ابّان المعركة فصرعهم بسيفه الحارث بن عمرو بن نوفل.
وبعد انتهاء المعركة, وعودة البقايا المهزومة من قريش الى مكة عرف بنو الحارث مصرع أبيهم, وحفظوا جيدا اسم المسلم الذي صرعه في المعركة: خبيب بن عديّ..!!
**
وعاد المسلمون من بدر الى المدينة, يثابرون على بناء مجتمعهم الجديد..
وكان خبيب عابدا, وناسكا, يحمل بين جبينه طبيعة الناسكين, وشوق العابدين..
هناك أقبل على العبادة بروح عاشق.. يقوم الليل, ويصوم الناهر, ويقدّس لله رب العالمين..
**
وذات يوم أراد الرسول صلوات الله وسلامه عليه أن يبلو سرائر قريش, ويتبيّن ما ترامى اليه من تحرّكاتها, واستعدادها لغزو جديد.. فاهتار من أصحابه عشرة رجال.. من بينهم خبيب وجعل أميرهم عاصم بن ثابت.
وانطلق الركب الى غايته حتى اذا بلغوا مكانا بين عسفان ومكة, نمي خبرهم الى حيّ من هذيل يقال لهم بنو حيّان فسارعوا اليهم بمائة رجل من أمهر رماتهم, وراحوا يتعقبونهم, ويقتفون آثارهم..
وكادوا يزيغون عنهم, لولا أن أبصر أحدهم بعض نوى التمر ساقطا على الرمال.. فتناول بعض هذا النوى وتأمله بما كان للعرب من فراسة عجيبة, ثم صاح في الذين معه:
" انه نوى يثرب, فلنتبعه حتى يدلنا عليهم"..
وساروا مع النوى المبثوث على الأرض, حتى أبصروا على البعد ضالتهم التي ينشدون..
وأحس عاصم أمير العشرة أنهم يطاردون, فدعا أصحابه الى صعود قمة عالية على رأس جبل..
واقترب الرماة المائة, وأحاطوا بهم عند سفح الجبلو وأحكموا حولهم الحصار..
ودعوهم لتسليم أنفسهم بعد أن أعطوهم موثقا ألا ينالهم منهم سوء.
والتفت العشرة الى أميرهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين.
وانتظروا بما يأمر..
فاذا هو يقول:" أما أنا, فوالله لا أنزل في ذمّة مشرك..
اللهم أخبر عنا نبيك"..
وشرع الرماة المائة يرمونهم بالنبال.. فأصيب أميرهم عاصم واستشهد, وأصيب معه سبعة واستشهدوا..
ونادوا الباقين, أنّ لهم العهد والميثاق اذا هم نزلوا.
فنزل الثلاثة: خباب بن عديّ وصاحباه..
واقترب الرماة من خبيب وصاحبه زيد بن الدّثنّة فأطلقوا قسيّهم, وبرطوهما بها..
ورأى زميلهم الثالث بداية الغدر, فقرر أن يموت حيث مات عاصم واخوانه..
واستشهد حيث أراد..
وهكذا قضى ثمانية من أعظم المؤمنين ايمانا, وأبرّهم عهدا, وأوفاهم لله ولرسوله ذمّة..!!
وحاول خبيب وزيد أن يخلصا من وثاقهما, ولكنه كان شديد الاحكام.
وقادهما الرماة البغاة الى مكة, حيث باعوهما لمشركيها..
ودوّى في الآذان اسم خبيب..
وتذكّر بنوالحارث بن عامر قتيل بدر, تذكّروا ذلك الاسم جيّدا, وحرّك في صدورهم الأحقاد.
وسارعوا الى شرائه. ونافسهم على ذلك بغية الانتقام منه أكثر أهل مكة ممن فقدوا في معركة بدر آباءهم وزعماءهم.
وأخيرا تواصوا عليه جميعا وأخذوا يعدّون لمصير يشفي أحقادهم, ليس منه وحده, بل ومن جميع المسلمين..!!
وضع قوم أخرون أيديهم على صاحب خبيب زيد بن الدّثنّة وراحوا يصلونه هو الآخر عذابا..
يتبع ما بعده
admin
8th March 2003, 14:50
يتبع ما قبله
أسلم خبيب قلبه, وأمره,ومصيره لله رب العالمين.
وأقبل على نسكه ثابت النفس, رابط الجأش, معه من سكينة الله التي افاءها عليه ما يذيب الصخر, ويلاشي الهول.
كان الله معه.. وكان هو مع الله..
كانت يد الله عليه, يكاد يجد برد أناملها في صدره..!
دخلت عليه يوما احدى بنات الحارث الذي كان أسيرا في داره, فغادرت مكانه مسرعة الى الناس تناديهم لكييبصروا عجبا..
" والله لقد رأيته يحمل قطفا كبيرا من عنب يأكل منه..
وانه لموثق في الحديد.. وما بمكة كلها ثمرة عنب واحدة..
ما أظنه الا رزقا رزقه الله خبيبا"..!!
أجل آتاه الله عبده الصالح, كما آتى من قبل مريم بنت عمران, يوم كانت:
( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا..
قال يا مريم أنّى لك هذا
قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب)..
**
وحمل المشركون الى خبيب نبأ مصرع زميله وأخيه زيد رضي الله عنه.
ظانين أنهم بهذا يسحقون أعصابه, ويذيقونه ضعف الممات وما كانوا يعلمون أن الله الرحيم قد استضافه, وأنزل عليه سكينته ورحمته.
وراحوا يساومونه على ايمانه, ويلوحون له بالنجاة اذا ما هو كفر لمحمد, ومن قبل بربه الذي آمن به.. لكنهم كانوا كمن يحاول اقتناص الشمس برمية نبل..!!
أجل, كان ايما خبيب كالشمس قوة, وبعدا, ونارا ونورا..
كان يضيء كل من التمس منه الضوء, ويدفئ كل من التمس منه الدفء, أم الذي يقترب منه ويتحدّاه فانه يحرقه ويسحقه..
واذا يئسوا مما يرجون, قادوا البطل الى مصيره, وخرجوا به الى مكان يسمى التنعيم حيث يكون هناك مصرعه..
وما ان بلغوه حتى استأذنهم خبيب في أن يصلي ركعتين, وأذنوا له ظانين أنه قد يجري مع نفسه حديثا ينتهي باستسلامه واعلان الكفران بالله وبرسوله وبدينه..
وصلى خبيب ركعتين في خشوع وسلام واخبات...
وتدفقت في روحه حلاوة الايمان, فودّ لو يظل يصلي, ويصلي ويصلي..
ولكنه التفت صوب قاتليه وقال لهم:
" والله لاتحسبوا أن بي جزعا من الموت, لازددت صلاة"..!!
ثم شهر ذراعه نحو السماء وقال:
" اللهم احصهم عددا.. واقتلهم بددا"..
ثم تصفح وجوههم في عزم وراح ينشد:
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الاله وان يشأ يبارك على أوصال شلو ممزّع
ولعله لأول مرة في تاريخ العرب يصلبون رجلا ثم يقتلونه فوق الصليب..
ولقد أعدّوا من جذوع النخل صليبا كبيرا أثبتوافوقه خبيبا.. وشدّوا فوق أطرافه وثاقه.. واحتشد المشركون في شماتة ظاهرة.. ووقف الرماة يشحذون رماحهم.
وجرت هذه الوحشية كلها في بطء مقصود امام البطل المصلوب..!!
لم يغمض عينيه, ولم تزايل السكينة العجيبة المضيئة وجهه.
وبدأت الرماح تنوشه, والسيوف تنهش لحمه.
وهنا اقترب منه أحد زعماء قريش وقال له:
" أتحب أن محمدا مكانك, وأنت سليم معافى في أهلك"..؟؟
وهنا لا غير انتفض خبيب كالاعصار وصاح, في قاتليه:
" والله ما أحبّ أني في اهلي وولدي, معي عافية الدنيا ونعيمها, ويصاب رسول الله بشوكة"..
نفس الكلمات العظيمة التي قالها صاحبه زيد وهم يهمّون بقتله..! نفس الكلمات الباهرة الصادعة التي قالها زيد بالأمس.. ويقولها خبيب اليوم.. مما جعل أبا سفيان, وكان لم يسلم بعد, يضرب كفا بكف ويقول مشدوها:" والله ما رأيت أحدا يحب أحدا كما يحب أصحاب محمد محمدا"..!!
**
كانت كلمات خبيب هذه ايذانا للرماح وللسيوف بأن تبلغ من جسد البطل غايتها, فتناوشه في جنون ووحشية..
وقريبا من المشهد كانت تحومطيور وصقور. كأنها تنتظر فراغ الجزارين وانصرافهم حتى تقترب هي فتنال من الجثمان وجبة شهيّة..
ولكنها سرعان ما تنادت وتجمّعت, وتدانت مناقيرها كأنها تتهامس وتتبادل الحديث والنجوى.
وفجأة طارت تشق الفضاء, وتمضي بعيدا.. بعيدا..
لكأنها شمّت بحاستها وبغريزتها عبير رجل صالح أوّاب يفوح من الجثمان المصلوب, فخدلت أن تقترب منه أو تناله بسوء..!!
مضت جماعة الطير الى رحاب الفضاء متعففة منصفة.
وعادت جماعة المشركين الى أوكارها الحاقدة في مكة باغية عادية..
وبقي الجثمان الشهيد تحرسه فرقة من القرشيين حملة الرماح والسويف..!!
كان خبيب عندما رفعوه الى جذوع النخل التي صنعوا منها صليبا, قد يمّم وجهه شطر السماء وابتهل الى ربه العظيم قائلا:
" اللهم انا قد بلّغنا رسالة رسولك فبلّغه الغداة ما يصنع بنا"..
واستجاب الله دعاءه..
فبينما الرسول في المدينة اذ غمره احساس وثيق بأن أصحابه في محنة..
وتراءى له جثمان أحدهم معلقا..
ومن فوره دعا المقداد بن عمرو, والزبير بن العوّام..
فركبا فرسيهما, ومضيا يقطعان الأرض وثبا.
وجمعهما الله بالمكان المنشود, وأنزلا جثمان صاحبهما خبيب, حيث كانت بقعة طاهرة من الأرض في انتظاره لتضمّه تحت ثراها الرطيب.
ولا يعرف أحد حتى اليوم أين قبر خبيب.
ولعل ذلك أحرى به وأجدر, حتى يظل مكانه في ذاكرة التاريخ, وفي ضمير الحياة, بطلا.. فوق الصليب..!!!
ابو فارس
9th March 2003, 15:39
جزاك الله خير يالجار وننتظر البقية
ابو تركي
9th March 2003, 17:49
تسلم وبصراحه مشاركات مميزه ونتمنا استمراها
اخوك ابوتركي
أخو وضحى
10th March 2003, 08:23
مشكوووووووور يالجار
أثريتنا وأثريت المنتدى بمثل هالمعلومات المفيدة
ونحتري منك الجديد
admin
13th March 2003, 11:25
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام
ابو فارس
ابو تركي
اخو وضحى
حياكم الله واشكر لكم كلماتكم المشجعه وان شاء الله نقدم ما يرقى لفكركم.
وحياكم الله
اخوكم
الجار
admin
13th March 2003, 11:31
عبد الله بن عمر
المثابر, الأوّاب
تحدّث وهو على قمة عمره الطويل فقال:
"لقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فما نكثت ولا بدّلت الى يومي هذا..
وما بايعت صاحب فتنة..
ولا أيقظت مؤمنا من مرقده"..
وفي هذه الكلمات تلخيص لحياة الرجل الصالح الذي عاش فوق الثمانين, والذي بدأت علاقته بالاسلام والرسول, وهو في الثالثة عشر من العمر, حين صحب أباه في غزوة بدر, راجيا أن يكون له بين المجاهدين مكان, لولا أن ردّه الرسول عليه السلام لصغر سنه..
من ذلك اليوم.. بل وقبل ذلك اليوم حين صحب أباه في هجرته الى المدينة.. بدأت صلة الغلام ذي الرجولة المبكرة بالرسول عليه السلام والاسلام..
ومن ذلك اليوم الى اليوم الذي يلقى فيه ربه, بالغا من العمر خمسة وثمانين عاما, سنجد فيه حيثما نلقاه, المثابر الأوّاب الذي لا ينحرف عن نهجه قيد أشعرة, ولا يند عن بيعة بايعها, ولا يخيس بعهد أعطاه..
وان المزايا التي تأخذ الأبصار الى عبدالل بن عمر لكثيرة.
فعلمه وتواضعه, واستقامة ضميره ونهجه, وجوده, وورعه, ومثابرته, على العبادة وصدق استمساكه بالقدوة..
كل هذه الفضائل والخصال, صاغ ابن عمر عمره منها, وشخصيته الفذة, وحياته الطاهرة الصادقة..
لقد تعلم من أبيه عمر بن الخطاب خيرا كثيرا.. وتعلم مع أبيه من رسول الله الخير كله والعظمة كلها..
لقد أحسن كأبيه الايمان بالله ورسوله.. ومن ثم, كانت متابعته خطى الرسول أمرا يبهر الألباب..
فهو ينظر, ماذا كان الرسول يفعل في كل أمر, فيحاكيه في دقة واخبات..
هنا مثلا, كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي.. فيصلي ابن عمر في ذات المكان..
وهنا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو قائما, فيدعو ابن عمر قائما...
وهنا كان الرسول يدعو جالسا, فيدعو عبدالله جالسا..
وهنا وعلى هذا الطريق نزل الرسول يوما من فوق ظهر ناقته, وصلى ركعتين, فصنع ابن عمر ذلك اذا جمعه السفر بنفس البقعة والمكان..
بل انه ليذكر أن ناقة الرسول دارت به دورتين في هذا المكان بمكة, قبل أن ينزل الرسول من فوق ظهرها, ويصلي ركعتين, وقد تكون الناقة فعلت ذلك تلقائيا لتهيئ لنفسها مناخها.
لكن عبدالل بن عمر لا يكاد يبلغ ها المكان يوما حتى يدور بناقته, ثم ينيخها, ثم يصلي ركعتين للله.. تماما كما رأى المشهد من قبل مع رسول الله..
ولقد أثار فرط اتباعه هذا, أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت:
"ما كان أحد يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في منازله, كما كان يتبعه ابن عمر".
ولقد قضى عمره الطويل المبارك على هذا الولاء الوثيق, حتى لقد جاء على المسلمين زمان كان صالحهم يدعو ويقول:
"اللهم أبق عبدالله بن عمر ما أبقيتني, كي أقتدي به, فاني لا أعلم أحد على الأمر الأول غيره".
وبقوة هذا التحري لشديد الويق لخطى لبرسول وسنته, كان ابن عمر يتهيّب الحديث عن رسول الله ولا يروي عنه عليه السلام حديثا الا اذا كان ذاكرا كل حروفه, حرفا.. حرفا.
وكذلك كان شديد الحذر والتحوّط في الفتيا..
جاءه يوما رجل يستفتيه, فلماألقى على ابن عمر سؤاله أجابه قائلا:
" لا علم لي بما تسأل عنه"
وذهب الرجل في سبيله, ولا يكاد يبتعد عن ابن عمر خطوات حتى يفرك ابن عمر كفه جذلان فرحا ويقول لنفسه:
"سئل ابن عمر عما لا يعلم, فقال لا أعلم"..!
كان يخاف أن يجتهد في فتياه, فيخطئ في اجتهاده, وعلى الرغم من أنه يحيا وفق تعاليم الدين العظيم, للمخطئ أجر وللمصيب أجرين, فان ورعه أن يسلبه ورعه كان يسلبه الجسارة على الفتيا.
وكذلك كان ينأى به عن مناصب القضاة..
لقد كانت وظيفة القضاء من أرقع مناصب الدولة والمجتمهع, وكانت تضمن لشاغرها ثراء, وجاها, ومجدا..
ولكن ما حاجة ابن عمر الورع للثراء, وللجاه, وللمجد..؟!
**
لقد كان ابن عمر,أخا الليل, يقومه مصليا.. وصديق السحر يقطعه مستغفرا وباكيا..
ولقد رأى في شبابه رؤيا, فسرها الرسول تفسيرا جعل قيام الليل منتهى آمال عبدالله, ومناط غبطته وحبوره..
ولنصغ اليه يحدثنا عن نبأ رؤياه:
"رأيت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن بيدي قطعة استبرق, وكأنني لا أريد مكانا في الجنة الا طارت بي اليه..
ورأيت كأن اثنين أتياني, وأرادا أن يذهبا بي الى النار, فتلقاهما ملك فقال: لا ترع, فخليّا عني..
فقصت حفصة - أختي- على النبي صلى الله عليه وسلم رؤياي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل عبدالله, لو كان يصلي من الليل فيكثر"..
ومن ذلك اليوم والى أن لقي ربه, لم يدع قيام الليل في حله, ولا في ترحاله..
فكان يصلي ويتلو القرآن, ويذكر ربه كثيرا.. وكان كأبيه, تهطل دموعه حين يسمع آيات النذير في القرآن.
يقول عبيد بن عمير: قرأت يوما على عبدالله بن عمر هذه الآية:
(فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا.يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا)..
فجعل ابن عمر يبكي حتى نديت لحيته من دموعه.
وجلس يوما بين اخوانه فقرا:
(ويل للمطففين, الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون, واذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون, ألا يظن أولئك أنهم ميعوثون, ليوم عظيم, يوم يقوم الناس لرب العالمين)..
ثم مضى يردد الآية:
(..يوم يقوم الناس لرب العالمين).
ودموعه تسيل كالمطر. حتى وقع من كثرة وجده وبكائه..!!
**
ولقد كان جوده, وزهده, وورعه, تعمل معا في فن عظيم, لتشكل أروع فضائل هذا الانسان العظيم.. فهو يعطي الكثير لأنه جواد..
ويعطي الحلال الطيب لأنه ورع..
ولا يبالي أن يتركه الجود فقيرا, لأنه زاهد..!!
وكان ابن عمر رضي الله عنه, من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة, اذ كان تاجرا أمينا ناجحا شطر حياته, وكان راتبه من بيت المال وفيرا.. ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط, انما كان يرسله غدقا على الفقراء, والمساكين والسائلبن..
يحدثنا أيوب بن وائل الراسبي عن أحد مكرماته, فيخبرنا أن ابن عمر جاءه يوما بأربعة آلافدرهم وقطيفة..
وفي اليوم التالي, رآه أيوب بن وائل في السوق يشتري لراحلته علفا نسيئة – أي دينا- ..
فذهب ابن وائل الى أهل بيته وسالهم أليس قد أتى لأبي عبد الرحمن – يعني ابن عمر – بالأمس أربعة آلاف,وقطيفة..؟
قالوا: بلى..
قال: فاني قد رأيته اليوم بالسوق يشتر علفا لراحلته ولا يجد معه ثمنه..
قالوا: انه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعها, ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره, خرج.. ثم عاد وليست معه, فسألناه عنهتا. فقال: انه وهبها لفقير..!!
فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف. حتى أتى السوق فتوقل مكانا عاليا, وصاح في الناس:
" يا معشر التجار..
ما تصنعون بالدنيا, وهذا بن عمر تأتيه الف درهم فيوزعها, ثم يصلح فيستدين علفا لراحلته"..؟؟!!
ألا ان من كان محمد أستاذه, وعمر أباه, لعظيم, كفء لكل عظيم..!!
ان وجود عبد الله بن عمر, وزهزد وورعه, هذه الخصال الثلاثة, كانت تحكي لدى عبد الله صدق القدوة.. وصدق البنوّة..
فما كان لمن يمعن في التأسي برسول الله, حتى انه ليقف بناقته حيث رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يوقف ناقته. ويقول" لعل خفا يقع على خف".!
والذي يذهب برأيه في برأبيه وتوقيره والاعجاب به الى المدى الذي كانت شخصية عمر تفرضه على الأعداء, فضلا عن الأقرباء. فضلا عن الأبناء..
أقول ما ينبغي لمن ينتمي لهذا الرسول, ولهذا الوالد أن يصبح للمال عبدا..
ولقد كانت الأموال تاتيه وافرة كثيرة.. ولكنها تمر به مرورا.. وتعبر داره عبورا..
ولم يكن جوده سبيلا الى الزهو, والا الى حسن الأحدوثة.
ومن ثم. فقد كان يخص به المحتاجين والفقراء.. وقلما كان يأكل الطعام وحده.. فلا بد أن يكون معه أيتام, أو فقراء.. وطالما كان يعاتب بعض أبنائه, حين يولمون للأغنياء, ولا يأتون معهم بالفقراء, ويقول لهم:
"تدعون الشباع. وتدعون الجياع"..!!
وعرف الفقراء عطفه, وذاقوا حلاوة بره وحنانه, فكانوا يجلسون في طريقه, كي يصحبهم الى داره حين يراهم.. وكانوا يحفون به كما تحف أفواج النحل بالأزاهير ترتشف منها الرحيق..!
وللحديث بقية يتبع
admin
13th March 2003, 11:38
يتبع ما قبله
لقد كان المال بين يديه خادما لا سيدا,,
وكان وسيلة لضروات العيش لا للترف..
ولم يكن ماله وحده, بل كان للفقراء فيه حق معلوم, بل حق متكافئ لا يتميز فيه بنصيب..
ولقد أعانه على هذا الجود الواسع زهده.. فما كان ابن عمر يتهالك على الدنيا, ولا يسعى اليها, بل ولا رجو منها الا كا يستر الجسد من لباس, ويقيم الأود من الطعام..
أهداه أحد اخوانه القادمين من خراسان حلة ناعمة أنيقة, وقال له:
لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان, وانه لتقر عيناي, اذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه, وترتدي هذا الثوب الجميل..
قال له ابن عمر: أرنيه اذن..
ثم لمسه وقال: أحرير هذا.؟
قال صاحبه: لا .. انه قطن.
وتملاه عبد الله قليلا, ثم دفعه بيمينه وهويقول:"لا.اني أخاف على نفسي.. أخاف ان يجعلني مختالا فخورا.. والله لا يحب كل مختال فخور"..!!
وأهداه يوما صديقا وعاء مملوءا..
وسأله ابن عمر: ما هذا؟
قال: هذا دواء عظيم جئتك به من العراق.
قال ابن عمر: وماذا يطبب هذا الدواء..؟؟
قال: يهضم الطعام..
فالتسم ابن عمر وقال لصاحبه:" يهضم الطعام..؟ اني لم أشبع من طعام قط منذ أربعين عاما".!!
ان هذا الذي لم يشبع من الطعام منذ أربعين عاما, لم يكنيترك الشبع خصاصة, بلزهدا وورعا, ومحاولة للتاسي برسوله وأبيه..
كان يخاف أن يقال له يوم القيامة:
(أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها)..
وكان يدرك انه في الدنيا ضيف أو عابر شبيل..
ولقد تحدث عن نفسه قائلا:
"ما وضعت لبنة على لبنة, ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم"..
ويقول ميمون بن مهران:
" دخلت على ابن عمر, فقوّمت كل شيء في بيته من فراش, ولحاف وبساط. ومن كل شيء فيه, فما وجدته تساوي مئة ردهم"..!!
لم يكن ذلك عن فقر.ز قد كان ابن عمر ثريا..
ولا كان ذلك عن بخل فقد كان جوّدا سخيا..
زامكا كان عن زهد في الدنيا, وازدراء للترف, والتزام لمنهجه في الصدق والورع..
ولقد عمّر ابن عمر طويلا, وعاش في العصر الأموي الذي فاضت فيها لأموال وانتشرت الضياع, وغطى البذخ أكث الدور.. بل قل أكثر القصور..
ومع هذا, بقي ذلك الطود الجليل شامخا ثابتا, لا يبرح نهجه ولا يتخلى عن ورعه وزهده.
واذا ذكّر بحظوظ الدنيا ومتاعها التي يهرب منها قال:
"لقد اجتمعت وأصحابي على أمر, واني أخاف ان خالفتهم ألا ألأحق بهم"..
ثم يعلم الآخرين أنه لم يترك دنياهم عجزا, فيرفع يده الى السماء ويقول:
"اللهم انك تعلم أنه لولا مخافتك لزاحمنا قومنا قريشا في هذه الدنيا".
**
بل لقد كان يطيب لهم حين يبهرهم ألق فضائله, أن يقارنوا بينه وبين والده العظيم عمر.. فيقولون:
( كان عمر في زمان له فيه نظراء, وكان ابن عمر في زمان ليس فيه نظير)..!!
وهي مبالغة يغفرها استحقاق ابن عمر لها, أما عمر فلا يقارن بمثله أحد.. وهيهات أن يكون له في كل عصور الزمان نظير..
**
وفي العام الثاث والسبعين للهجرة.. مالت الشمس للمغيب, ورفعت احدى سفن الأبدية مراسيها, مبحرة الى العالم الآخر والرفيق الأعلى, حاملة جثمان آخر ممثل لعصر الوحي _في مكة والمدينة_ عبد الله بن عمر بن الخطاب. كان آخر الصحابة رحيلا عن الدنيا كلها أنس بن مالك رضي الله عنه, توفي بالبصرة, عام واحد وتسعين, وقيل عام ثلاث وتسعين.
انته
أخو وضحى
19th April 2003, 09:51
جزاك الله خير الجزاء
وتقبل خالص تحياتي
الراشد
23rd May 2003, 11:28
جزاك الله خير الجزاء
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2024, TranZ by Almuhajir