بدر الحزام
5th January 2004, 00:03
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انقل لكم اخواني قول الشيخ ابن تيمية رحمة الله عليه في ما ورد في سب الصحابة وامهات المؤمنين رضي الله عنهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " الصارم المسلول على شاتم الرسول " :
فاما من سب ازواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال القاضي ابو يعلى : ( من قذف عائشة بما براها الله منه كفر بلا خلاف ) ، وقد حكى الاجماع على هذا غير واحد ، وصرح غير واحد من الائمة بهذا الحكم .
فروي عن مالك : ( من سب ابا بكر جلد ومن سب عائشة قتل ) ، قيل له : لم ؟ قال : ( من رماها فقد خالف القران ، ولان الله تعالى قال : { يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا كنتم مؤمنين } ) .
وقال ابو بكر بن زياد النيسابوري : سمعت القاسم بن محمد يقول لاسماعيل بن اسحاق : ( اتى المأمون بالرقة برجلين شتم احدهما فاطمة وفي عائشة ، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة وترك الاخر ، فقال اسماعيل : ما حكمهما الا ان يقتلا ، لان الذي شتم عائشة رد القران ) ، وعلى هذا مضت سيرة اهل الفقه والعلم من اهل البيت وغيرهم .
قال ابو السائب القاضي : ( كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد - الداعي بطبرستان وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويوجه في كل سنة بعشرين الف دينار الى مدينة السلام يفرق على سائر ولد الصحابة - وكان بحضرته رجل ذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فقال : يا غلام اضرب عنقه ! ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال : معاذ الله هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات اولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم } فان كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث فهو كافر فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه وانا حاضر ) [رواه اللالكائي].
وروي عن محمد بن زيد اخي الحسن بن زيد انه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء فقام اليه بعمود فضرب به دماغه فقتله ، فقيل له : هذا من شيعتنا ومن يتولانا ، فقال : ( هذا سمى جدي قرنان ومن مسمي جدي قرنان استحق القتل ) فقتله .
واما من سب غير عائشة من ازواجه صلى الله عليه وسلم ففيه قولان :
احدهما : انه كساب غيرهن من الصحابة على ما سيأتي.
والثاني : وهو الاصح ، ان من قذف واحدة من امهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها ، وقد تقدم معنى ذلك عن ابن عباس ، وذلك لان هذا فيه عار وغضاضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واذى له اعظم من اذاه بنكاحهن بعده ، وقد تقدم التنبيه على ذلك فيما مضى عند الكلام على قوله : { ان الذين يؤذون الله ورسوله } الاية ، والامر فيه ظاهر .
فصل :
فاما من سب احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - من اهل بيته وغيرهم - فقد اطلق الامام احمد انه يضرب ضربا نكالا ، وتوقف عن كفره وقتله .
قال ابو طالب : ( سألت احمد عمن شتم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: القتل اجبن عنه ولكن اضربه ضربا نكالا ) .
وقال عبد الله : ( سألت ابي عمن شتم رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ارى ان يضرب . قلت له : حد؟ فلم يقف على الحد الا انه قال : يضرب ، وقال : ما اراه على الاسلام ) .
وقال : ( سالت ابي من الرافضة؟ فقال : الذين يشتمون او يسبون ابا بكر وعمر رضي الله عنهما ) .
وقال في الرسالة التي رواها ابو العباس احمد بن يعقوب الاصطخري وغيره : وخير الامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ابو بكر ، وعمر بعد ابي بكر ، وعثمان بعد عمر ، وعلي بعد عثمان ، ووقف قوم على عثمان ، وهم خلفاء راشدون مهديون . ثم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء الاربعة خير الناس ، لا يجوز لاحد ان يذكر شيئا من مساويهم ، ولا يطعن على احد منهم بعيب ولا نقص ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له ان يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه ، فان تاب قبل منه ، وان ثبت اعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت او يراجع .
وحكى الامام احمد هذا عمن ادركه من اهل العلم وحكاه الكرماني عنه وعن اسحاق والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم وقال الميموني : سمعت احمد يقول : ما لهم ولمعاوية نسأل الله العافية . وقال لي : يا ابا الحسن اذا رأيت احدا يذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الاسلام .
فقد نص رضي الله عنه على جواب تعزيره واستتابة حتى يرجع بالجلد ، وان لم ينته حبس حتى يموت او يراجع . وقال : ما اراه على الاسلام واتهمه على الاسلام . وقال : اجبن عن قتله .
وقال اسحاق بن راهويه : ( من شتم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعاقب ويحبس ) .
وهذا قول كثير اصحابنا ، منهم ابن ابي موسى قال : ( ومن سب السلف من الروافض فليس بكفؤ ولا يزوج ، ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة الا ان يتوب ويظهر توبته ) ، وهذا في الجملة قول عمر بن عبد العزيز وعاصم الاحول وغيرهما من التابعين .
قال الحارث بن عتبة : ( ان عمر بن عبد العزيز اتى برجل سب عثمان فقال : " ما حملك على ان سببته ؟ " قال : " ابغضه " قال : " وان ابغضت رجلا سببته " ، قال : فامر به فجلد ثلاثين سوطا ) .
وقال ابراهيم بن ميسرة : ( ما رايت عمر بن عبد العزيز ضرب انسانا قط الا انسانا شتم معاوية فضربه اسواطا ) ، رواهما اللالكائي ، وقد تقدم انه كتب في رجل سبه لا يقتل الا من سب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن اجلده فوق راسه اسواطا ولولا اني رجوت ان ذلك خير له لم افعل .
وروى الامام احمد حدثنا ابو معاوية حدثنا عاصم الاحول قال : ( اتيت برجل قد سب عثمان ، قال فضربته عشرة اسواط ، قال ثم عاد لما قال فضربته عشرة اخرى ، قال فلم يزل يسبه حتى ضربته سبعين سوطا ) ، وهذا هو المشهور من مذهب مالك ، قال مالك : ( من شتم النبي صلى الله عليه وسلم قتل ، ومن شتم اصحابه ادب ) .
وقال عبد الملك بن حبيب : ( من غلا من الشيعة الى بغض عثمان والبراءة منه ادب ادبا شديدا ، ومن زاد الى بغض ابي بكر وعمر فالعقوبة عليه اشد ويكرر ضربه ويطال سجنه حتى يموت ولا يبلغ به القتل الا في سب النبي صلى الله عليه وسلم ) .
وقال ابن المنذر : ( لا اعلم احدا يوجب قتل من سب من بعد النبي صلى الله عليه وسلم) .
وقال القاضي ابو يعلى : ( الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة ان كان مستحلا لذلك كفر وان لم يكن مستحلا فسق ولم يكفر سواء كفرهم او طعن في دينهم مع اسلامهم ) .
وقد قطع طائفة من الفقهاء من اهل الكوفة و غيرهم بقتل من سب الصحابة وكفر الرافضة ، قال محمد بن يوسف الفريابي - وسئل عمن شتم ابا بكر - قال : ( كافر ) قيل : فيصلى عليه ؟ قال : ( لا ) ، وسأله كيف يصنع به وهو يقول لا اله الا الله ، قال : ( لا تمسوه بايديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته ) .
وقال احمد بن يونس : ( لو ان يهوديا ذبح شاة ، وذبح رافضي ، لأكلت ذبيحة اليهودي ولم اكل ذبيحة الرافضي لانه مرتد عن الاسلام ) .
وكذلك قال ابو بكر بن هانيء : ( لا تؤكل ذبيحة الروافض والقدرية ، كما لا تؤكل ذبيحة المرتد ، مع انه تؤكل ذبيحة الكتابي لان هؤلاء يقامون مقام المرتد واهل الذمة يقرون على دينهم وتؤخذ منهم الجزية ) . وكذلك قال عبد الله بن ادريس من اعيان ائمة الكوفة : ( ليس لرافضي شفعه لانه لا شفعة الا لمسلم ) .
وقال فضيل بن مرزوق سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : ( والله ان قتلك لقربة الى الله ، وما امتنع من ذلك الا بالجوار ) . وفي رواية قال : رحمك الله قد عرفت انما تقول هذا تمزح . قال : ( لا والله ما هو بالمزح ، ولكنه الجد ) . قال وسمعته يقول: ( لئن امكننا الله منكم لنقطعن ايديكم وارجلكم ) .
وصرح جماعات من اصحابنا بكفر الخوارج المعتقدين البراءة من علي وعثمان وبكفر الرافضة المعتقدين لسب جميع الصحابة ، الذين كفروا الصحابة وفسقوهم وسبوهم .
وقال ابو بكر عبد العزيز في المقنع : ( واما الرافضي فان كان يسب فقد كفر فلا يزوج ) .
ولفض بعضهم وهو الذي نصره القاضي ابو يعلى انه ان سبهم سبا يقدح في دينهم او عدالتهم كفر بذلك ، وان كان سبا لا يقدح مثل ان يسب ابا احدهم او يسبه سبا يقصد به غيظه ونحو ذلك لم يكفر .
قال احمد - في رواية ابي طالب - في الرجل يشتم عثمان : ( هذه زندقة ) ، وقال - في رواية المروذي - : ( من شتم ابا بكر وعمر وعائشة ما اراه على الاسلام ) ، وقال - في رواية حنبل - : ( من شتم رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما اراه على الاسلام ) .
قال القاضي ابو يعلى : ( فقد اطلق القول فيه انه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله ، وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي انه لم يحكم بكفره ) .
قال : ( فيحتمل ان يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بانه يكفر بلا خلاف ، ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه ، كمن ياتي المعاصي ) .
قال : ( ويحتمل ان يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم، نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم واخذوا الامر بغير حق ، ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك ) .
قال : ( ويحتمل ان يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق ، وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين ) .
قال القاضي : ( ومن قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ) .
انتهى كلامه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انقل لكم اخواني قول الشيخ ابن تيمية رحمة الله عليه في ما ورد في سب الصحابة وامهات المؤمنين رضي الله عنهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " الصارم المسلول على شاتم الرسول " :
فاما من سب ازواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال القاضي ابو يعلى : ( من قذف عائشة بما براها الله منه كفر بلا خلاف ) ، وقد حكى الاجماع على هذا غير واحد ، وصرح غير واحد من الائمة بهذا الحكم .
فروي عن مالك : ( من سب ابا بكر جلد ومن سب عائشة قتل ) ، قيل له : لم ؟ قال : ( من رماها فقد خالف القران ، ولان الله تعالى قال : { يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا كنتم مؤمنين } ) .
وقال ابو بكر بن زياد النيسابوري : سمعت القاسم بن محمد يقول لاسماعيل بن اسحاق : ( اتى المأمون بالرقة برجلين شتم احدهما فاطمة وفي عائشة ، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة وترك الاخر ، فقال اسماعيل : ما حكمهما الا ان يقتلا ، لان الذي شتم عائشة رد القران ) ، وعلى هذا مضت سيرة اهل الفقه والعلم من اهل البيت وغيرهم .
قال ابو السائب القاضي : ( كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد - الداعي بطبرستان وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويوجه في كل سنة بعشرين الف دينار الى مدينة السلام يفرق على سائر ولد الصحابة - وكان بحضرته رجل ذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فقال : يا غلام اضرب عنقه ! ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال : معاذ الله هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات اولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم } فان كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث فهو كافر فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه وانا حاضر ) [رواه اللالكائي].
وروي عن محمد بن زيد اخي الحسن بن زيد انه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء فقام اليه بعمود فضرب به دماغه فقتله ، فقيل له : هذا من شيعتنا ومن يتولانا ، فقال : ( هذا سمى جدي قرنان ومن مسمي جدي قرنان استحق القتل ) فقتله .
واما من سب غير عائشة من ازواجه صلى الله عليه وسلم ففيه قولان :
احدهما : انه كساب غيرهن من الصحابة على ما سيأتي.
والثاني : وهو الاصح ، ان من قذف واحدة من امهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها ، وقد تقدم معنى ذلك عن ابن عباس ، وذلك لان هذا فيه عار وغضاضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واذى له اعظم من اذاه بنكاحهن بعده ، وقد تقدم التنبيه على ذلك فيما مضى عند الكلام على قوله : { ان الذين يؤذون الله ورسوله } الاية ، والامر فيه ظاهر .
فصل :
فاما من سب احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - من اهل بيته وغيرهم - فقد اطلق الامام احمد انه يضرب ضربا نكالا ، وتوقف عن كفره وقتله .
قال ابو طالب : ( سألت احمد عمن شتم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: القتل اجبن عنه ولكن اضربه ضربا نكالا ) .
وقال عبد الله : ( سألت ابي عمن شتم رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ارى ان يضرب . قلت له : حد؟ فلم يقف على الحد الا انه قال : يضرب ، وقال : ما اراه على الاسلام ) .
وقال : ( سالت ابي من الرافضة؟ فقال : الذين يشتمون او يسبون ابا بكر وعمر رضي الله عنهما ) .
وقال في الرسالة التي رواها ابو العباس احمد بن يعقوب الاصطخري وغيره : وخير الامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ابو بكر ، وعمر بعد ابي بكر ، وعثمان بعد عمر ، وعلي بعد عثمان ، ووقف قوم على عثمان ، وهم خلفاء راشدون مهديون . ثم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء الاربعة خير الناس ، لا يجوز لاحد ان يذكر شيئا من مساويهم ، ولا يطعن على احد منهم بعيب ولا نقص ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له ان يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه ، فان تاب قبل منه ، وان ثبت اعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت او يراجع .
وحكى الامام احمد هذا عمن ادركه من اهل العلم وحكاه الكرماني عنه وعن اسحاق والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم وقال الميموني : سمعت احمد يقول : ما لهم ولمعاوية نسأل الله العافية . وقال لي : يا ابا الحسن اذا رأيت احدا يذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الاسلام .
فقد نص رضي الله عنه على جواب تعزيره واستتابة حتى يرجع بالجلد ، وان لم ينته حبس حتى يموت او يراجع . وقال : ما اراه على الاسلام واتهمه على الاسلام . وقال : اجبن عن قتله .
وقال اسحاق بن راهويه : ( من شتم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعاقب ويحبس ) .
وهذا قول كثير اصحابنا ، منهم ابن ابي موسى قال : ( ومن سب السلف من الروافض فليس بكفؤ ولا يزوج ، ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة الا ان يتوب ويظهر توبته ) ، وهذا في الجملة قول عمر بن عبد العزيز وعاصم الاحول وغيرهما من التابعين .
قال الحارث بن عتبة : ( ان عمر بن عبد العزيز اتى برجل سب عثمان فقال : " ما حملك على ان سببته ؟ " قال : " ابغضه " قال : " وان ابغضت رجلا سببته " ، قال : فامر به فجلد ثلاثين سوطا ) .
وقال ابراهيم بن ميسرة : ( ما رايت عمر بن عبد العزيز ضرب انسانا قط الا انسانا شتم معاوية فضربه اسواطا ) ، رواهما اللالكائي ، وقد تقدم انه كتب في رجل سبه لا يقتل الا من سب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن اجلده فوق راسه اسواطا ولولا اني رجوت ان ذلك خير له لم افعل .
وروى الامام احمد حدثنا ابو معاوية حدثنا عاصم الاحول قال : ( اتيت برجل قد سب عثمان ، قال فضربته عشرة اسواط ، قال ثم عاد لما قال فضربته عشرة اخرى ، قال فلم يزل يسبه حتى ضربته سبعين سوطا ) ، وهذا هو المشهور من مذهب مالك ، قال مالك : ( من شتم النبي صلى الله عليه وسلم قتل ، ومن شتم اصحابه ادب ) .
وقال عبد الملك بن حبيب : ( من غلا من الشيعة الى بغض عثمان والبراءة منه ادب ادبا شديدا ، ومن زاد الى بغض ابي بكر وعمر فالعقوبة عليه اشد ويكرر ضربه ويطال سجنه حتى يموت ولا يبلغ به القتل الا في سب النبي صلى الله عليه وسلم ) .
وقال ابن المنذر : ( لا اعلم احدا يوجب قتل من سب من بعد النبي صلى الله عليه وسلم) .
وقال القاضي ابو يعلى : ( الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة ان كان مستحلا لذلك كفر وان لم يكن مستحلا فسق ولم يكفر سواء كفرهم او طعن في دينهم مع اسلامهم ) .
وقد قطع طائفة من الفقهاء من اهل الكوفة و غيرهم بقتل من سب الصحابة وكفر الرافضة ، قال محمد بن يوسف الفريابي - وسئل عمن شتم ابا بكر - قال : ( كافر ) قيل : فيصلى عليه ؟ قال : ( لا ) ، وسأله كيف يصنع به وهو يقول لا اله الا الله ، قال : ( لا تمسوه بايديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته ) .
وقال احمد بن يونس : ( لو ان يهوديا ذبح شاة ، وذبح رافضي ، لأكلت ذبيحة اليهودي ولم اكل ذبيحة الرافضي لانه مرتد عن الاسلام ) .
وكذلك قال ابو بكر بن هانيء : ( لا تؤكل ذبيحة الروافض والقدرية ، كما لا تؤكل ذبيحة المرتد ، مع انه تؤكل ذبيحة الكتابي لان هؤلاء يقامون مقام المرتد واهل الذمة يقرون على دينهم وتؤخذ منهم الجزية ) . وكذلك قال عبد الله بن ادريس من اعيان ائمة الكوفة : ( ليس لرافضي شفعه لانه لا شفعة الا لمسلم ) .
وقال فضيل بن مرزوق سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : ( والله ان قتلك لقربة الى الله ، وما امتنع من ذلك الا بالجوار ) . وفي رواية قال : رحمك الله قد عرفت انما تقول هذا تمزح . قال : ( لا والله ما هو بالمزح ، ولكنه الجد ) . قال وسمعته يقول: ( لئن امكننا الله منكم لنقطعن ايديكم وارجلكم ) .
وصرح جماعات من اصحابنا بكفر الخوارج المعتقدين البراءة من علي وعثمان وبكفر الرافضة المعتقدين لسب جميع الصحابة ، الذين كفروا الصحابة وفسقوهم وسبوهم .
وقال ابو بكر عبد العزيز في المقنع : ( واما الرافضي فان كان يسب فقد كفر فلا يزوج ) .
ولفض بعضهم وهو الذي نصره القاضي ابو يعلى انه ان سبهم سبا يقدح في دينهم او عدالتهم كفر بذلك ، وان كان سبا لا يقدح مثل ان يسب ابا احدهم او يسبه سبا يقصد به غيظه ونحو ذلك لم يكفر .
قال احمد - في رواية ابي طالب - في الرجل يشتم عثمان : ( هذه زندقة ) ، وقال - في رواية المروذي - : ( من شتم ابا بكر وعمر وعائشة ما اراه على الاسلام ) ، وقال - في رواية حنبل - : ( من شتم رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما اراه على الاسلام ) .
قال القاضي ابو يعلى : ( فقد اطلق القول فيه انه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله ، وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي انه لم يحكم بكفره ) .
قال : ( فيحتمل ان يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بانه يكفر بلا خلاف ، ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه ، كمن ياتي المعاصي ) .
قال : ( ويحتمل ان يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم، نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم واخذوا الامر بغير حق ، ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك ) .
قال : ( ويحتمل ان يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق ، وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين ) .
قال القاضي : ( ومن قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ) .
انتهى كلامه